25 August, 2008

ضحكت فقالوا




ضحكت فقالوا ألا تحتشم .. بكيت فقالوا ألا تبتسم
بسمت فقالوا يرائى بها .. عبست فقالوا بدا ما كتم
صمت فقالوا كليل اللسان .. نطقت فقالوا كثير الكلم
حلمت فقالوا ضيع الجبان .. و لو كان مقتدرا لانتقم
بسلت فقالوا لطيش به .. و ما كان مجترئا لو حلم
يقولون شذ إذا قلت لا .. و إمعة حين وافقتهم

فأيقنت أنى مهما أرد .. رضا الناس لابد أن أذم

14 August, 2008

أنت إمبراطور


لا تصدقني إذا قلت لك إنك تعيش حياة أكثر بذخا من حياة كسرى أنو شروان -- و إنك أكثر ترفا من إمبراطور فارس -- و قيصر الرومان -- و فرعون مصر -- و لكنها الحقيقة

إن أقصى ما استطاع فرعون مصر أن يقتنيه من وسائل النقل كان عربة كارو يجرها حصان
و أنت عندك عربة خاصة -- و تستطيع أن تركب قطارا -- و تحجز مقعدا في طائرة

و إمبراطور فارس كان يضيء قصره بالشموع و قناديل الزيت -- و أنت تضيء بيتك بالكهرباء

و قيصر الرومان كان يشرب من السقا -- و يحمل إليه الماء في القرب
و أنت تشرب مياها مرشحة من حنفيات و يجري إليك الماء في أنابيب

و الإمبراطور غليوم كان عنده أراجوز
و أنت عندك تليفزيون يسليك بمليون أراجوز
و عندك السينما سكوب و السيزاما

و لويس الرابع عشر كان عنده طباخ يقدم أفخر أصناف المطبخ الفرنسي
و أنت تحت بيتك مطعم فرنسي -- و مطعم صيني -- و مطعم ألماني --
و مطعم ياباني -- و محل محشي -- و محل كشري -- و مسمط -- و مصنع مخللات و معلبات و مربات و حلويات

و قارون أغنى أغنياء العالم يقول لنا التاريخ إن كل ثروته لم تكن تزيد على مائتين من الجنيهات بالعملة النحاسية -- و هو مبلغ تستطيع أن تكسبه الآن في شهر

و جواري الخليفة تجدهن الآن معروضات في بيجال بباريس بعشرة فرنكات للواحدة -- شقر و سمر و سود و بيض من كل لون أوكازيون

و مراوح ريش النعام التي كان يروح بها العبيد على وجه الخليفة في قيظ الصيف و لهيب آب -- عندك الآن مكانها مكيفات هواء تحول بيتك إلى جنة بلمسة سحرية لزر كهربائي

أنت إمبراطور
و كل هؤلاء الأباطرة جرابيع و هلافيت بالنسبة لك
ولكن يبدو أننا أباطرة أغبياء جدا -- و لهذا فنحن تعساء جدا برغم النعم التي نمرح فيها
فمن عنده عربة لا يستمتع بها -- و إنما ينظر في حسد لمن عنده عربتان -- و من عنده عربتان يبكي على حاله لأن جاره يمتلك طائرة -- و من عنده طائرة يكاد يموت من الحقد و الغيرة لأن أوناسيس عنده مطار -- و من عنده زوجة جميلة يتركها و ينظر إلى زوجة جاره
وفي النهاية يسرق بعضنا بعضا -- و يقتل بعضنا بعضا حقدا وحسدا
ثم نلقي بقنبلة ذرية على كل هذا الرخاء -- و نشعل النابالم في بيوتنا -- ثم نصرخ بأنه لا توجد عدالة اجتماعية -- و يحطم الطلبة الجامعات -- و يحطم العمال المصانع
والحقد – و ليس العدالة – هو الدافع الحقيقي وراء كل الحروب
و مهما تحقق الرخاء للأفراد فسوف يقتل بعضهم بعضا -- لأن كل واحد لن ينظر إلى ما في يده -- و إنما إلى ما في يد غيره -- و لن يتساوى الناس أبدا
فإذا ارتفع راتبك ضعفين فسوف تنظر إلى من ارتفع أجره ثلاثة أضعاف -- و سوف تثور و تحتج -- و تنفق راتبك في شراء مسدسات
لقد أصبحنا أباطرة -- هذا صحيح -- و لكننا مازلنا نفكر بغرائز حيوانات
تقدمنا كمدينة و تأخرنا كحضارة -- ارتقى الإنسان في معيشته -- و تخلف في محبته
أنت إمبراطور-- هذا صحيح -- و لكنك أتعس إمبراطور
و سوف تقتل نفسك و تترك بطاقة مضحكة تقول فيها
إنتحرت بسبب الفقر -- لم أستطع أن أعيش إمبراطورا في عالم كله من السوبر أباطرة