02 May, 2007

رؤيا من رحلتى إلى الأردن




تحركت بنا الطائرة أنا و زملائى من مطار القاهرة صباح يوم الأربعاء 25 – 04 الماضى متجهين لرحلة عمل قصيرة مدتها أربعة أيام و بضع ساعات فى الأردن - هبطنا فى مطار عاليا بعمان بعد مضى ساعة من الطيران - ذهبنا إلى فندق راما بدوار السابع - وضعنا أغراضنا بالغرف - تناولنا طعام الغداء - و ذهب كل منا لممارسة طقوسه و هواياته - و خرجت أنا لممارسة هوايتى المفضلة و هى مشاهدة طبيعة هذه البلد و دراسة طبائع أهل البلد - أخذت فى المشى أنظر فى وجوه الناس - أسمع لكنتهم الغريبة - أشاهد لون بشرتهم - أسمع ضحكاتهم - أحاول أن أستشعر مشاعرهم - و غيره و غيره
أفهم بعض الكلمات و الكثير لا أفهمه - أجد منهم الأبيض الشامى و أجد القمحى المصرى - ضحكاتهم إبتسامات بشوشة
وجدت فيهم هدوء الطباع و سعة الصدر و النظام و الإلتزام - وجدت الأخ الملتحى و الأخت المحجبة و المنتقبة - لم أجد زحام و لا إختناق مرورى و لا عصبية و لا عبوس

وجدت البيوت ذات الطراز المميز مبنية من نوع معين من الحجارة يشبه الرخام فى مظهره - لونه فاتح - و البنايات ليست عالية - أشم هواء نقى يتوغل من بين البيوت البعيدة عن بعضها بشكل مريح و الغير عالية - أسير يأخذنى الطريق إلى أعلى و إلى أسفل - و بهمجيتى كمصرى أعبر الشارع من أماكن غير مخصصة للعبور - فيقف لى الناس حتى أعبر و لا أسمع بعد عبورى أى ألفاظ بذيئة نظرا لعبورى المخالف و لكنها نظرة عتاب بسيطة لهذه المخالفة

رأيت الأطفال التى لا توصف - الجمال الشديد و البراءة المتناهية - بإختصار - لأنى لا أستطيع وصف جمالهم - و فيهم كلهم شىء مميز جدا الأبيض منهم و الأسمر و هو حمرة الخدين - سبحان الله على هذا الجمال - و طبعا أمهاتهم زى القمر

بلد متواضعة و بسيطة و لكنها هادئة و نظيفة و أناسها هادئين - و هذا الهدوء و النظام يضفى على البلد رونقا يجعلك تتمنى أن لا تغادر هذا المكان أبدا

و ظللت أحلم حتى قادنى الحلم يوم الجمعة إلى مدينة العقبة الساحلية و لا زلت أمارس هوايتى - و ذهبنا فى الليل إلى فندق إنتركونتيننتال لممارسة عملنا - و عندما نزلت من السيارة التى أقلتنا وجدت سورا طويلا بمحاذاة المدينة عليه علامات ممنوع التخطى - فسألت ما هذا السور فجاوبنى السائق الأردنى هذه حدود المدينة و البلد - فسألت و ما بعد هذا السور و ما هذه الأنوار القريبة التى وراءه على بعد حوالى 500 متر - فكانت الإجابة التى أذهلتنى و صدمتنى
- إنها مدينة إيلات الإسرائيلية - وقت ليس بقليل و لا بكثير مر على و أنا فى هذه الحالة من الذهول - مر أمامى شريط سينمائى لما مر على فى حياتى من الآيات التى تتحدث عن اليهود فى القرآن و ما سمعته من العالم الجليل طارق السويدان عندما حكى عن تاريخ القدس و فلسطين منذ أن كانت أرض لا يسكنها أحد حتى اليوم - و ما سمعته منه عن قصة اليهود مع سيدنا موسى عليه السلام و كم كانت قلوبهم كالحجارة - و ما سمعته من غيره من العلماء الأجلاء - و ما أراه يوميا على نشرات الأخبار و صفحات الجرائد من عدوان و قتل و ذبح - و ما عرف عنهم من نقض للعهود - و ما سمعته عنهم من قتل للأنبياء و الرسل كسيدنا زكريا و قتل الرومان لسيدنا يحى بتحريض منهم و محاولتهم قتل السيد المسيح و محاولتهم قتل سيدنا محمد عليه الصلاه و السلام سواء بالحجارة أو بالسم أو بالسيف - و فى عصرنا هذا من قتلهم لرموز الجهاد أمثال أحمد ياسين - و و و و و و


كل هذا مر على فى لحظات كشريط الذكريات مع إنى تقريبا لم أر يهودى فى حياتى رؤى العين - و لكنى رأيتهم فى آيات القرآن الكريم و الأحاديث النبوية الشريفة و فى دروس العلم و رأيت ممارستهم فى الصحف و الأخبار المسموعة و المرئية - مر هذا الشريط أمامى و قد إرتفع مقياس الحرارة بداخلى إلى أوج كرهى لهم و تمنيت لو أستطيع أن أفعل شيئا - و سألت نفسى كيف أستطيع أن أكون جارا لهذه المخلوقات المقززة

مشاعر كثيرة أحسست بها و لكنى بالتأكيد لن أستطيع التعبير عنها
و سوف أضيف لكم فى هذا البريد الصورة التى إلتقطها زميلى لأنوار مدينة إيلات التى رأيتها بعينى - و أرجو أن تكتبوا لى إحساسكم تجاه الصورة فقط لا ما رأيته بعينى


ثم عدنا إلى مدينة عمان ثانية لأرى مالم أره فى المرة الأولى قبل سفرى للعقبة - بيوت كثيرة جدا جدا مبنية فوق جبال عالية جدا شكلها شديد الروعة تظهر فجأة عندما تسير بك السيارة إلى أعلى الطريق الملتوى و تختفى فجأة عندما تهبط بك السيارة إلى أسفل الطريق الملتوى و هكذا حتى تجد نفسك عند هذه الجبال و كأنك جزءا منها - أتمنى لو أن زميلى إلتقط صورا لهذا المنظر حتى أضيفه لكم

لقد إستمتعت بهذه الرحلة جدا لولا هذه اللقطة المحزنة لمدينة إيلات المبنية على الأراضى الإسلامية

و أكثر ما بهرنى و هو الموضوع الذى كان فى الأصل من المفترض أن يكون موضوع هذا البريد و لكنى إسترسلت فى الحكى عن هذا الحلم بدون إرادتى - و هو أنى عند ميعاد أى صلاه عندما أدخل المسجد أجده مكتظا بالمصلين على عكس توقعاتى - و على عكس توقعاتى لأنى عندما ذهبت إلى تونس قبل ذلك لم أر جزء من هذا المنظر أصلا - هذا يتوضأ و هذا يصلى و هذا يقرأ القرآن و هذا يدعو الله و هذا يبتسم فى وجه أخيه و هذا يداعب طفله – وهذا و هذا و هذا


هذه إذن اللغة و اللكنة المشتركة بيننا و هى الإسلام


تذكرت كيف أن إخواننا المسلمون الأوائل - إن جاز التعبير - تكبدوا المشقة و العناء فى نشر الدين الإسلامى فى شبه الجزيرة العربية و أنتم تعرفون كيف - ثم انتقلوا لنشر الإسلام إلى بلاد تبعد ألاف الكيلومترات متكبدين مشقة و عناء السفر و حمل السلاح و نقص الطعام و نقص الماء فى الصحراء الجرداء و مرارة البعد عن الأهل و الأولاد - راكبين الجمال و الجياد أو ماشين مرورا بحشرات الصحراء ووحوش الصحراء و حرقة الشمس و البرد القارس إلى مجادلة الكفار و التضحية بالنفس و كل ما هو غالى و نفيس - كل هذا حتى أجد أخى الأردنى بعد أربعة عشر قرنا يصلى بجانبى كما كان يصلى النبى محمد صلى الله عليه و سلم


سبحان الله

4 comments:

shermen said...

أولا حمدا لله على سلامتك وعودتك إلى بلدك الأم مصر
ثانيا أنا مبسوطه اني أول تعليق
ثالثا بجد واضح ان الرحله كانت هايله جميل أوي وصفك للطبيعة هناك والناس وأمهاتهم اللي زي القمر عجبتني الجملة دي أوي طبعا طالما الأطفال حلوين لازم يكون أمهاتهم ذي القمر بس هما المصريات وحشين يعني ... ماعلينا
جميله أوي هواية إن الإنسان يمشي يتصفح وجوه الناس أنا كمان بحب الهواية دي بالذات لو ف بلد غريبة وأول مره أروحها أكتر حاجه ضايقتني ذي ما ضايقتك هو مدينة ايلات
وأجمل حاجه كتبتها
اللغة المشتركة هي الإسلام
فعلا دي أحسن لغة حوار بين المسلمين حتى لو تقابلتم في أخر بلاد العالم
تحياتي لك

علي الالفي said...

حمد الله ع السلامة يا عمى
و مبروك التقدم الرائع في طريق التدوين
و كمان يا رب تكون اتبسط فعلا في رحلتك دى
بس بردو انا مقموص عشان عرفت بالصدفة بعد سفرك
المهم
ادعيلي يا عمى في الخطوات الكبيرة اللي انت عارفها
و كمان ابقى خد بالك منى

Anonymous said...

حمدالله على السلامة
وربنا ينصرنا ان شاء الله

mathematics said...

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

اخي الفاضل: هل انت متأكد انك كنت في الاردن؟؟؟؟
غريب انا عشت في الاردن 27 سنة و احمل الجنسية الاردنية و لم أر اي شيء مما قلت!!!! ربما لأني مغترب الان قد تغيرت الاردن


و لكن الحمدلله الذي منّ عليك بعدم رؤية الحقيقة
فالحقيقة و ان صعب تصديقها مؤلمة في كثير من الاحيان